Thursday 1 November 2012

أقول لعيسى

 أقول لعيسى

                     
كان تبادل القصائد بين الشعراء شائعا جدا في ما مضى، وقد دعاه البعض "شعر الإخوانيات"، وهذه القصائد ليست سوى رسائل منظومة على بحر واحد ورَويّ واحد، يتبادلها الشعراء، وقراءتها لا تخلو من فائدة ومتعة لما فيها أحيانا من كلمات تقع عليها عين القارئ لأول مرة، أو حكمة سائرة، أو وصف بليغ، أو تشبيه جميل، أو قول مأثور وغير ذلك.
عندما كنت في سيدني، في شهر تشرين الثاني من العام المنصرم، أرسل إلي الشاعر عيسى خوري، من قريتنا معليا، قصيدة طويلة مطلعها:
جمال يعز النفس من سحر ناطق           يفوق جمال الغادة المتناسقِ
ومنها أيضا:
رأيت عصامًا صاعدًا نحو ذروةٍ           لينظر منها في خفايا الحقائقِ

فأجبته بالقصيدة التالية:
إلى الشاعر عيسى الخوري
معليا، الجليل الغربي
من: عصام زكي عراف
سيدني، أستراليا، في 23-11-2011

أقول لعيسى الفذّ شهم الخلائقِ                إليك سلامي من أقاصي المشارقِ
عهدتك فيّاض القريحة مُلهماً                   تروضُ القوافي ريض طَبٍ وحاذقِ
تخوض ميادين القريض بسابح                ولا تأتي إلا في عداد السوابقِ
ولا زلت ملء السمع والعين والعلى           ولا تخشى لوما في سبيل الحقائقِ
وتعشق نُبل الفعل والقول والإبا                وتُعرِضُ  عن حسن المِلاح الغَرانقِ
تعيش بأحلام النسور وتبتغي                 وُصولا إلى الجوزاء فوق الشّواهقِ
وتؤثر قول الصدق في كل حالة               وتنفر من قرب الجليس المُماذقِ
خُلقت كريما لا تميل إلى الأذى              صديقا وفيا حاضرا كمفارقِ
بعثت بأبيات إلي كأنها                        نسائم هبَّت من زهور الحدائقِ
وتحمل في طيّاتها سرَّ  شاعر               يجود بشعر كالسيول الدوافقِ
تفيض بأفكار سمت في سمائها              وقد لمعت فيها صنوف البوارقِ
وتخفق فوق الباسقات بجنحها                كما خفقت في الجو جنح البواشقِ
فلما استَقَلَّت ساحة الأرض حَلَّقَت            تروم بقرب الشمس نصب السُّرادقِ
يظن جهولُ  القوم أنك دونه                    وكم في حمانا من جهول ومائقِ
يغلف أجساما بخزٍّ ومُطرَفٍ                   ويحسب أن العيش جمع الدوانقِ
يعيش كعَيْرٍ في الفلاة مُغفَّل                  وإن رام قولا كان صِنْوَ العَقاعِقِ
وكم من بَليدٍ صيَّرتهُ يدُ الغنى                 مُصَعِّرَ خدٍّ مُسرِفا في التشادُقِ
وأقصى مناه ملءَ بطنٍ وكِظَّةٍ                 وما زاد عقلا عن عقول النَّقانقِ
وما العيش إلا نشوةٌ تأخذ الحِجَى          تعود  بفهم  للأمور  الدَّقائقِ
فلا تكترث إن لاكَ ذكرك ناعبٌ               فما ضار نسرا لغوُ  سرب النواعقِ 

شرح معاني بعض الكلمات:

الطّب: الخبير. الحاذق: الذي يتقن مهنته. القريض: الشعر.
السابح: الجواد الذي يمد يديه معا عند الجري.  الغرانق: الشابة الجميلة الممتلئة الناعمة.
الجوزاء: أحد أبراج السماء. المماذق: المتلون، غير المخلص. 
البواشق: جمع باشق وهو من الطيور الجوارح التي يصاد بها.
السرادق: الذي يُمَدُّ فَوْقَ صَحْنِ البَيْتِ.
المائق: الأحمق، الغبي.
الدوانق: جمع دانق وهو سدس الدينار.
العقاعق: جمع عقعق وهو طائر أبقع كريه الصوت.  مصعر خد: مزهو بنفسه ومتعال
الكظة: منتهى امتلاء المعدة
النقانق: جمع نقنق وهو الظليم أي ذكر النعام، ويوصف النعام بالغفلة والحمق لصغر مخه.
الحجى: العقل.  نعب الغراب وغيره: صاح وصوَّت
النواعق: الغربان، يقال نعق الغراب ونغق ونعب

No comments:

Post a Comment