نعمة التعالي والاستعلاء
أنا استعلائي واعتز كثيرا وافتخر بهذه التهمة التي لولاها لكنت مثل غيري من “المتواضعين” الذين يقضون أوقاتهم في زيارات ولقاآت وحفلات لا طائل تحتها.
عندما بدأت التعليم في مدرسة تيرا سانتا في أو يوم دراسي من سنة ١٩٧١ دخلت غرفة المعلمين وخرجت منها بعد أقل من ربع ساعة ولم أدخلها ثانية خلال السنوات التسع التالية التي قضيتها في التدريس!
كانت نتيجة ذلك “الاستعلاء” أنني كنت أقضي الوقت كله في مكتبة الدير العريقة الغنية بكتبها وكان أن قرأت خلال تلك السنوات المئات من أعداد مجلة ناشيونال جيوچرافيك مما ساعدني على إتقان اللغة الإنچليزية كما قرأت عشرات من الكتب القيّمة ومنها موسوعة “لاروس” في علم الفلك التي درستها دراسة وافية فأصبحت الفيزياء الفلكية محط اهتمامي منذ ذلك الوقت حتى اليوم.
عندما كان زملائي من المعلمين يقضون وقتهم في ثرثرات لا تنتهي كنت أقرأ كل مقال في مجلة “أستاذ الفيزياء” التي يصدرها اتحاد مدرسي الفيزياء في الولايات المتحدة وقد اشتركت بها منذ بداية التدريس وكانت المواد فيها كنزا فريدا من نوعه لمعلم الفيزياء وقد استعنت بها كثيرا لإثراء الطلاب بطرق مبتكرة في تبسيط المواد أو إجراء تجارب بمعدات وأدوات بسيطة تساعدهم على فهم الجوانب التطبيقية للمادة التي يتعلمونها.
هذا الاستعلاء كان ولا يزال أكبر نعمة حلت علي وسأتمسك به ما حييت.